يلا شوت | اخبار | حاكم مسرح العرائس.. رجل المراهنات الأخطر فى

صدر القرار وتم إيقاف المهاجم الانجليزي إيفان توني لـ 8 اشهر على خلفية خرقه قواعد الاتحاد الانجليزي المتعلقة بالمراهنات والقمار، فى واقعة مشابهة كَمَا لا يخفى على أحد لفضيحة “كالتشيو بولي” وهبوط يوفنتوس للدرجة الثانية بسـبب التلاعب بالنتائج.

لك ان تتخيل عزيزي القاريء ان هاتين الفضيحتين قطرة مـن فيض عمليات التلاعب التى تجري فى العالم والتي ربما كنتَ شاهدًا على إحداها دون ان تدري.

فى خضم بحثي عَنْ تاريخ عمليات المراهنات وقعت عيني على اسم؛ وحده كان يملك تواصلًا مع ربع اتحادات فيفا مـن مسؤولين ولاعبين وغيرهم، وقام بمفرده بالتلاعب بنتائج ما يقارب 80-100 مباراة.

أعلم أنك ربما تظن ان عمليات التلاعب قد تكون تمت فى درجات الهواة والمنتخبات المغمورة لكن المفاجأة أنها حدثت فى منافسات عريقة، نتحدث عَنْ دورى أبطال أوروبا، وتصفيات كاس العالم، وكأس امم إفريقيا، وكأس العالم للسيدات، والأولمبياد، وغيرها.

وقد حَقَّق هذا الاسم مـن خلالها ثروة تقدر بـ 5 ملايين دولار، ولم يوصد فى وجهه الباب إلا فى مناسبات قليلة جدًّا.

“لقد كنتُ أجلس على مقاعد البدلاء، أعطي اللاعبـين والمدرب التعليمات اللازمة، لقد كان الامر بهذه البساطة، ولم يكن هناك تواجد للشرطة على الإطلاق”

كانـت هذه هى كلمات ويلسون راج بيرومال الرجل الأكثر شهرة فى عالم المراهنات والتلاعب بالمباريات على مستوى العالم، فمن هو داهية المراهنات والرجل الذى كان بإشارة يؤهل منتخـبًا لبطولة كبرى وبإشارة أخرى يغير نتيجه مباراة؟

النشأة

فى عَامٌ 1965 وفي إحدى الضواحي الفقيرة فى سنغافورة، وُلد ويلسون بيرومال لعائلة فقيرة، وبينما كان يعيش طفولته، كان يحلم بأن يكون جنديًّا لكن سجله الإجرامي فى مراهقته منعه مـن تحقيق هذا الطموح.

عندما جاء لعمر 19-20 عَامًٌا، بدأ ويلسون فى عمليات المراهنات؛ إذ لم يكن يريد فى الخسارة أبدًا، فبدا كأنه متعلق بهذه العمليات.

بداية المسيرة

بدأ بيرومال أو السيد “Fix-it” كَمَا عُرف فى شهرته رحلته فى التلاعب بنتائج المباريات مع الدوريات المحليه فى سنغافورة فى آواخر الثمانينيات مـن القرن الماضي قبل ان يلتحق بإحدى اشهر عصابات التلاعب بالمباريات تحت قيادة تان سين إنج المعروف باسم “Dan Tan“.

مع دخول عصر الإنترنت فى منتصف التسعينيات بدت الهامة أسهل للعصابة ولـ بيرومال؛ إذ كانوا يطلعون على المباريات على مستوى العالم ويحددون الدول المحتملة لقبول الرشاوى.

قامت السلطات السنغافورية بسجن راج لمدة 12 شهرًا فى سنغافورة لضلوعه فى عمليات تلاعب بالمباريات.

التلاعب على الساحة الدولية

بعد خروجه مـن السجن عَامٌ 1995 سافر ويلسون الي إنجلترا لمحاولة التلاعب بمباراتين فى كاس الاتحاد الانجليزي، ثم حاول رشوة حارس بيرمنجهام إيان بينيت وحارس تشيلسى ديمتري خارين لكنه فشل فى المرتين.

تواجد مستر فيكس إت على ساحة المنتخبات لأول مرة عَامٌ 1997 اثناء مباراة ودية بين منتخبي زيمبابوي والبوسنة والهرسك، جرت فى ماليزيا؛ حيـث زعم بيرومال أنه قام برشوة 6 لاعبين مـن زيمبابوي للخسارة 0-4 مقابل الحصول على 100 ألف دولار.

لم تسِر الامور كَمَا اشتهى ويلسون؛ إذ انتهت المباراه بالتعادل 2-2 بسـبب قيام أحد اللاعبـين بتسجيل هـدف بالخطأ فى مرماه.

ثم فى عَامٌ 1999 تم سجن بيرومال للمرة الثانية فى سنغافورة لمدة 26 شهرًا بسـبب قيامه بتقديم أحد الحكام لأحد المتلاعبين بنتائج المباريات.

فى عَامٌ 2000 قام ويلسون بضرب أحد اللاعبـين بعصا هوكي قبل إحدى المباريات؛ فعلة ربما تكون هى الوحيدة التى ندم عليها فى سجله كله.

“لقد كنَّا مثل يديْن تستعدان للتصفيق”

عاد بيرومال لزيمبابوي مجددًا فى فضيحة عُرفت باسم “آسيا جيت”؛ قام خلالها بيرومال برشوة لاعبين ومسؤولين زيمبابويين للخسارة فى مجموعه مـن المباريات بين عامي 2007-2009.

“لقد قرأت هذا الملف وفكرت: (لا، لا يمكن ان يكون. لا يمكن ان يكون الامر بهذه السهولة ولا يمكن ان يكون بهذا الانتشار)”.

كانـت هذه ردة فعل محقق فيفا السابق تيري ستينز المصدوم عند تسلمه ملف تحقيق فيفا فى التلاعب بالمباريات فى زيمبابوي.

“كان ويلسون لغزًا مـن نوع ما، لكن كل معلومة قدمها مـن فنلندا والمجر وجاءت فى طريقنا كانـت صحيحة” يضيف ستينز.

كانـت ابرز عمليات بيرومال الدولية تسهيل صعود نيجيريا والهندوراس لكأس العالم 2010 فى جنوب إفريقيا؛ حيـث قام بالتلاعب بنتائج مبارياتهما فى التصفيات ومنها مباراة نيجيريا مع كينيا فى نيروبي، وتم تأكيد ذلك مـن اثناء ويلسون بيرومال عبر تقرير استقصائي نشرته قناة الجزيرة بنسختها الإنجليزية عَامٌ 2015 بعنوان قتل الكره “Killing The Ball“.

قام مستر فيكس إت بالتلاعب بنتائج بعض المباريات “وديا” التحضيرية لكأس العالم 2010 وشملت منتخبـات جنوب إفريقيا، والبرازيل، والدنمارك، وكولومبيا، وجواتيمالا، وقد تم تأكيد هذه المزاعم عبر تقرير لـ فيفا نشر عبر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

السجن مرة أخرى

سافر ويلسون بعد ذلك الي فنلندا لمحاولة التلاعب بنتائج المباريات؛ حيـث حاول التلاعب بنتائج 11 مباراة، لكن فقط 4 منها هى التى نجحت قبل ان يتم القبض عليه فى فبراير 2011 وإيداعه السجن لمدة عامين.

قضى منهما عَامًٌا واحدًا ثم تم ترحيله الي المجر لمساعدة الشرطة فى تتبع عمليات التلاعب؛ حيـث شعر بالخيانة مـن زعيمه دان تان ورغب فى القبض عليه وعلى بقية العصابة.

صفحة جديدة

فى بداية عَامٌ 2014 وبينما كان يقبع فى السجن فى بودابست عاصمة المجر، أصدر ويلسون بالتعاون مع صحفيين إيطاليين سيرته الذاتية بعنوان “KelongKings“؛ يتحدث فيه عَنْ حياته وعمله فى عالم التلاعب بالمباريات.

“ليس لدي اى ندم. لقد كانـت مرحلة مـن حياتي واستمتعت بها..لقد قضيت وقتًا ممتعًا”.

لا يشعر مستر فيكس إت بأي ندم تجاه جرائمه وأفعاله، عدا بعض المباريات القليلة وضربه للاعب بعصا هوكي قبل إحدى المباريات.

“كرة القـدم لم تعد رياضة. إنها أشبه بالعمل التجاري الان. لذلك اعتقد أننا نحاول فقط كسب المال مـن هذا العمل. الناس يريدون الفـوز وسيفعلون اى شيء لمجرد الحصول على نتيجه”. اضاف ويلسون اثناء المقابلة التى أجراها مع مجموعه CNN البريطانية فى النصف الثانى مـن عَامٌ 2014، مؤكدًا نجاح 70-80% مـن عملياته، مع حصوله على 5 ملايين دولار ضاعت جميعها فى القمار.

عند سؤاله عَنْ الإجراءات التى تقوم بها فيفا لمكافحة التلاعب بالمباريات، اعلن ويلسون: “لم تتوصل FIFA الي استراتيجيات أو طرق كافية للدعاية أو التسويق أو اىًّا كان ما تسميه لمكافحة التلاعب بنتائج المباريات”.

جدير بالذكر ان فيفا كانـت قد خصصت عَامٌ 2011 مَبْلَغٌ 20 مليون يورو لمنحها للشرطة الدولية “الإنتربول” لمكافحة التلاعب بنتائج المباريات.

فى سبتمبر عَامٌ 2013 تم القبض على 14 شخصًا فى سنغافورة بتهمة التلاعب بالمباريات، وقد ذُكر ان دان تان زعيم العصابة مـن بينهم والذي يقبع فى السجن بتهم التلاعب مع غيره مـن المتهمين.

يسعي بيرومال الي حياة افضل مع عائلته بعد السجن بعدما طوى صفحة التلاعب بالمباريات مـن حياته.

إن التلاعب بنتائج المباريات يقوض مـن نزاهة كرة القـدم ويشكك فى نزاهتها، كَمَا ان ذلك له تأثير سلبي على مستوى المشاهدة والحضور والاستثمار والرعاية، لكن الرحلة للقضاء على التلاعب ما زالت طويلة، فالحرب ليست امام بيرومال أو دان تان وحدهما بل امام عصابات ومافيا تحكم بقبضة مـن حديد.