- بين سميث
- محرر رياضى – بي بي سي
يتتبع الكثيرون مـن محبي الكره حول العالم الأداء الحماسي المميز الذى ارتبط بالقميص البرازيلي الأصفر.
ويعتبر هذا القميص رمزا عالمـيا للفرحة، فهو يستدعي صورا لأعظم اللاعبـين فى هذه اللعبة الجميلة التى يلعبونها بأفضل الطرق الأساليب.
وأصبح القميص مرادفا لمجد الكره البرازيلية وسحرها ومتعتها، حيـث ارتداه لاعبون مثل بيليه وجيرزينيو وزيكو وسقراط، الذين نقلوا عالم كرة القـدم الي مستوى جديد فى النصف الثانى مـن القرن العشرين.
يقول كارلوس ألبرتو، كابتن منتخـب البرازيل وقت فوزه بكأس العالم عَامٌ 1970، إن قميص المنتخـب الأصفر “مقدس لدى البرازيليين”، مؤكدا على أنه يشعر بالفخر عندما يرتديه، “لكنه يدفع مرتديه للشعور بالمسؤولية لإلهام وإسعاد الجماهير”.
وأصبح القميص البرازيلي أحد ابرز قمصان اللعبة، إذ يرتدي اللاعبون قميصا أصفر بحواف خضراء، وسروالا قصيرا أزرق بخطوط بيضاء، وزوجا مـن الجوارب البيضاء، وهي ألوان جيدة لا يمكن خلطها بألوان اى فريق آخر.
وإذا مشيت فى شارع مـن شوارع إحدى المدن الكبرى فى العالم، فمن المحتمل ان تقابل شخصا يرتدي قميص منتخـب البرازيل، وغالبا ما يحمل الرقم عشرة. على ظهره.
إلا ان الكثيرين لا يعلمون فى الغالب كيف ارتدت البرازيل هذا اللون الأصفر، وإذا ما كانـت ارتدت غيره فى اى وقت لاحق.
إهانة البرازيل
وترجع تلك القصة الي خسارة منتخـب البرازيل على أرضه امام أوروغواي 2-1 فى نهائى كاس العالم عَامٌ 1950، الذى أقيم فى البرازيل.
وتعتبر هذه اللحظة نقطه تحول فى تاريخ كرة القـدم البرازيلية. بينما مشاعر السخط شديدة، ولم تمنعها ألوان قميص النادي.
ومع بداية مهاجـم أوروغواي، ألسيديس غيغيا، للاحتفال بهدفه فى مرمى البرازيل، لاحظ ان ستاد ماراكانا الجديـد صمت فجأة.
وقال غيغيا: “ثلاثة أشخاص تمكنوا مـن جعل ستاد ماراكانا يصمت: هم فرانك سيناترا، والبابا، وأنا.”
وكان المنتخـب البرازيلي يرتدي قمصانا بيضاء بياقات زرقاء، وسراويل قصيرة بيضاء وجوارب بيضاء، وهي ألوان غير معبرة عَنْ الروح الوطنيه للبلاد. ايضا لا تعكس العلم البرازيلي الذى يمثل اللون الأخضر فيه المساحات الشاسعة مـن الغابات، ويمثل اللون الأصفر الثروة الخام للبلاد، ويمثل اللون الأزرق الكره الأرضية والنجوم البيضاء سماء ريو دي جانيرو ليلا.
بداية جديدة
بينما هذه هى اللحظة المناسبة لبداية جديدة، ففي عَامٌ 1953، أعلنت صحيفة كوريو دا مانها عَنْ مسابقه لتصميم قميص جديد لمنتخب البرازيل، بينما القاعدة الرئيسية فيها هى استخدام ألوان العلم البرازيلي الأربعة، والتصميم الفائز سيرتديه المنتخـب فى كاس العالم عَامٌ 1954 فى سويسرا.
وكان ألدير غارسيا شلي يبلغ مـن العمر آنذاك 18 عاما عندما ســاهم فى تلك المنافسه، وكان يعمل مصمما فى إحدى الصحف.
ومن بلدته الصغير بيلوتاس فى ريو غراندي دو سول، القريبة مـن الحدود مع أوروغواي، رسم 100 تصميم مختلف دمج فيها الألوان بطريقة مختلفة. فجرب الدوائر الخضراء والصفراء على القميص، بسراويل زرقاء. كَمَا جرب الأقلام والتصميمات على شكل الرقم سبعة.
وقال شلي: “فى النهايه، أدركت ان القميص لابد ان يكون أصفر بياقة خضراء، وهو يتناسق مع اللون الأزرق، ويمكن للجوارب ان تكون بيضاء.”
ومن بين 401 تصميم ورد للمسابقة، جذب هذا التصميم نظر الحكام لبساطته وتناسق ألوانه. وأتى فى المركـز الثانى تصميم آخر بسيط، بقميص أخضر وسراويل بيضاء وجوارب صفراء.
ولعب المنتخـب البرازيلي مرتديا القمصان الجديدة لأول مرة فى مارس/ آذار 1954، عندما هزم تشيلي فى ستاد ماراكانا فى ريو دي جانيرو. وفي كاس العالم القادم بعد أربعة أعوام، فازت البرازيل بكأس العالم للمرة الأولى بعد خسارة منتخـب السويد فى استوكهولم.
بينما المفارقة ان المنتخـب البرازيلي فـاز بالكأس لأول مرة وهو يرتدي قمصان زرقاء، إذ كانـت السويد ترتدي اللون الأصفر.
يقول كارلوس آلبيرتو: “لم تكن لدينا قمصان بديلة، ورفض اتحاد كرة القـدم البرازيلي ان نرتدي اللون الأبيض مرة أخرى. لذا، فقد اشتروا 22 قميصا أزرقا عندما وصلنا استوكهولم، وثبّتوا الرموز عليها.”
وفي عَامٌ 1962، حملت البرازيل كاس العالم لأول مرة وهي ترتدي القميص الأصفر.
أداء متميز… بالألوان
وظلت تقديم الإعلام لهذا الحدث بالأبيض والأسود. ولم يتسن لجماهير كرة القـدم رؤية هذا القميص الأصفر حتـى عَامٌ 1970 فى المكسيك، فى أول بطوله تبث فى التليفزيون بالألوان.
وشاهدت الجماهير منتخبا يلعـب كرة القـدم بطريقة غير مسبوقة، يرتدي لاعبوه قمصانا تعكس ضوء الشمس، و يبعثون البهجة للملايين.
ويقول ألبيرتو: “كان بيليه افضل لاعـب رأيته فى حياتي. وكان هذا افضل فريق على الإطلاق، ولا يمكن مقارنته بفريق اليـوم.”
وأضاف ألبيرتو ان منتخـب عَامٌ 1982، بلاعبيه زيكو وسقراطيس، كان قد اقترب مـن الكأس إلا أنه لم يفز به فى ذلك العام.
وقال اللاعب الإيطالي أليساندور ديل بييرو، الذى لعب 91 مباراة لصالح منتخـب بلاده وحقق فـوز كاس العالم عَامٌ 2006، لبي بي سي إنه نشأ مع الولع بطريقة لعب البرازيليين.
وأضاف: “فازت إيطاليا بكأس العالم عَامٌ 1982، لكن منتخـب البرازيل كان هو النادي الذى استحوذ على خيال الجميع. وكطفل، كانـت القمصان الصفراء جيدة، كَمَا كانـت طريقة لعبهم آسرة. ومنذ تلك اللحظة، وأنا أشعر دائما برابط تجاههم إنهم مقربون الي قلبي.”<span >
“لا يشعر بالفخر”
ولكن كيف انتهى الحال بمصمم هذا القميص؟ يبلغ شلي الان 79 عاما، وما زال يعيش فى بيلوتاس مع زوجته مارلين. وكان قد انتقل لفترة للعمل فى الصحيفه التى أعلنت المنافسه فى ريو دي جانيرو.
وفي مرحلة ما، تقرر له ان يعيش مع لاعبى البرازيل، لكن حياة ريو لم تكن تناسب شلي ذلك الشاب الجنوبي الخجول. وكان تعاطي الكحوليات والنساء يسيطران على حياة اللاعبـين، لذا فقد انتقل هو بعيدا.
ورغم ان القميص الذى صممه شلي أصبح بمثابة ماكينة نقود، إلا أنه لم يغير اى شيء مـن طريقة حياته.
وفي عَامٌ 1996، وقعت شركة نايك صفقة بمئة مليون جنيه استرليني مع الاتحاد البرازيلي لكرة القـدم،<span >لتكون موردا لطاقم اللعب وراعيا مشاركا للمنتخب البرازيلي. وفي ذلك الوقت، كانـت تلك أكبر صفقة فى التَّارِيخُ تتضمن طرفا حكوميا.
إلا ان شلي يقول إنه لا يشعر بالفخر بما أنجزه، معلقا: “فى الحقيقة، لم يكن الامر بهذه الأهمية بالنسبة لي. ربما أشعر بالقليل مـن الذنب لأني صنعت شيئا لم يعد نقيا كَمَا كان جاء الى. شيء أصبح ماديا بالأساس.”
ولن ينسى الجمهور البرازيلي ما أهداه شلي لهم، ومع أنه قد تكون هناك حالة مـن الغضب واللامبالاة تجاه مسابقه هذا العام، إلا ان البرازيليين ما زالوا يقدرون القميص.
ولم تفز البرازيل بكأس العالم حتـى ارتدت اللون الأصفر. ومنذ عَامٌ 1953، فازت البرازيل بالكأس خمسة مرات، فهل يحققون ذلك للمرة السادسة؟